وصية لمن أراد السفر للحج والعمرة
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل وهي : فعل أوامره ، واجتناب نواهيه ، وينبغي أن يكتب ما له وما عليه من الدَّين ، ويُشهد على ذلك .
ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب ، لقوله تعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلَّكم تفلحون ) (النور 31)
وحقيقة التوبة : الإقلاع من الذنوب وتركها ، والندم على ما مضى منها ، والعزيمة على عدم العود فيها ، وإن كان عنده للناس مظالم من نفسٍ أو مالٍ ردّها إليهم أو تحللهم منها قبل سفره ، لما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم : ( من كان عنده مظلمة لأخيه من مالٍ أو عِرضٍ فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالحٌ أُخِذَ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخِذَ من سيئاتِ صاحبه فحُمل عليه ) ( صحيح البخاري ) .
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال ، لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله تعالى طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً ) ( رواه الطبراني ) .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرج الرجل حاجاً بنفقة طيبةٍ ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه منادٍ من السماء : لبيك وسعديك زادُك حلال ، وراحلتك حلال ، وحَحّك مبرور غير مأزورٍ . وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه منادٍ من السماء : لا لبيك ولا سعديك زادُك حرامٌ ونفقتك حرامٌ ، وحَجّك غيرُ مبرورٍ ) .
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن يستعفف يُعُّفه الله ، ومن يستغن يُغنه الله ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعةُ لحم ) .
ويجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة ، والتقرب إلى الله بما يُرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة ، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها ، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك ، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله كما قال تعالى : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُيخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) . ( هود : 15 : 16 ) .وصح عنه صىل الله عليه وسلم أنه قال : قال الله تعالى : ( أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركتُهُ وشركه ) ( رواه مسلم ) .
وينبغي له أيضاً أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ، ويحذر من صحبة السفهاء والفساق .
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته ، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه ليكون على بصيرة ، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات ، استحب له أن يُسمي الله سبحانه ويحمده ، ثم يكبر ثلاثاً ويقول : ( سبحانه الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مقرنين ، وإنّا إلى ربِّنا لمنقلبون ) ( الزخرف : 13 ) ، اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا ، واطوِ عنا بُعده ، اللهم أنت الصاَّحب في السَّفر ، والخليفة في الأهل ، الله إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل ، ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ، ودعاء الله سبحانه ، , والتضرع إليه ، وتلاوة القرآن وتدبر معانية ، ويحافظ على الصلوات في الجماعة ، ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال ، والخوض فيما لا يعنيه ، والإفراط في المزاح ، ويصون لسانه أيضاً من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين .
وينبغي له بذل البر في أصحابه وكفّ أذاه عنهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة .
بقلم
[center]